الجبل الأخضر.. هبة الطبيعة ومعقل التاريخ
اعتدال الطقس والفواكه النادرة جعلت من أشهر الصيف أفضل مواسمه السياحية
متى ومن أين جاءت التسمية؟؟!
عرض - محمد بن سالمين العلوي
خلال شهر مارس تتفتح الزهور وفي منتصف أكتوبر يتم جني محصول الرمان وما بين هذين الموعدين يقع أفضل المواسم السياحية المناسبة لزيارة الجبل الأخضر حيث تبدأ حالة الطقس مشوارها نحوالاعتدال عندما ينتصف فصل الصيف فلا تتعدى الـ 25 درجة مئوية في حين تكون درجة الحرارة قد تعدت الـ 45 درجة ليس في محيط الجبل الأخضر فحسب بل في منطقة الخليج العربية بأكملها.
وبمناسبة الحديث عن الجبل الأخضر وأثناء تجوالي بمعرض الكتاب الرابع عشر الذي ودعنا مناشطه منذ أيام لفت انتباهي إحدى النشرات أو الكتيبات التي احتواها جناح احدى الجهات الحكومية وكان ذلك الكتيب أوتلك النشرة تحت عنوان يشد القارئ ويستجلب ولديه فضول القراءة والاطلاع (الجبل الأخضر.. جنة في الأرض ومنبتها الزعفران) مع أن الجميع يعلم ما هي جنة الأرض (البساتين والحدائق الغناء) وما هو الزعفران بالطبع لكن تخصيصهما او اضافتهما الى جمال وروعة الجبل الأخضر هو ما دفعني الى سبر أغوار هذا المؤلف الصغير في حجمه والغزير في معناه والذي وضعه الكاتب سالم بن عبدالله بن ناصر آل عبد السلام بين يدي القارئ بأسلوب وقالب ممتع على صعيد القراءة منطلقا من النبذة التاريخية عن هذه المنطقة وسبب التسمية مرورا بالموقع المتميز والطبيعة الخلابة والمنتجات الزراعية قبل أن يعرج على المناخ وأهم الأماكن السياحية التي تشتهر بها هذه النيابة التابعة لولاية نزوى بداخلية عمان.
ونحن بدورنا سنتطرق الى محتوى هذا الكتيب في عدة حلقات نظرا لأهميته السياحية والترويجية لهذه المنطقة الحيوية وهي تمر بأفضل فتراتها السياحية فإلى سطور (الحلقة الأولى).
فالجبل الأخضر كما يعرفه الجميع منطقة زراعية يتميز بموقعه الجغرافي الفريد من حيث المناخ المعتدل الحرارة صيفا والشديد البرودة شتاء وينفرد بمزروعاته ذات الجودة العالية وهو منطقة عريقة له صفات في التاريخ العماني الحافل بالأمجاد والبطولات.
وهو منطقة جبلية ذات ارتفاع يقدر بحوالي 10 آلاف قدم فوق سطح البحر وأعلى منطقة به هي (جبل الفلكة) وتحيط به سلاسل جبلية شاهقة تتخللها طرق ومسالك وأودية تربط بين القرى والمناطق التابعة للنيابة. ويبعد الجبل الأخضر عن محافظة مسقط حوالي 200كم ويجاوره من الجنوب الشرقي نيابة بركة الموز وولاية إزكي ومن الشرق ولاية سمائل وولاية العوابي والرستاق من الجهه الشمالية وولاية الحمراء من جهة الغرب وتنبت بتربة الجبل الأخضر جميع أنواع المزروعات من فواكه وغيرها.
سبب التسمية
عن سبب التسمية يورد الكاتب نبذة من كتاب تحفة الأعيان في سيرة أهل عمان للعلامة نور الدين السالمي حيث قال: وفي عمان الجبل الأخضر ويقال له (رضوى) وهو جبل من عجائب الدنيا مملوء بالفواكه من الرمان والعنب والجوز والخوخ والمشمش والبوت والنمت وغيرها من أشجار الجبل ومن الرياحين كالورد والزعفران والآس والنرجس وغيرها وهو ذو أنهر وقصور وحياض ورياض وبساتين كروم وتين وتوت ولوز محصنة حدائقها بالورود والياسمين ومنبتها الزعفران الكعاب محفوفة بالأس وقال: ان حللت في أقفارها اكتفيت عن جني أثمارها كمثل النمت والبوت شفاء وقوت. تسفح من هذا الجبل تسعة أودية وكل واد به له طريق مؤدية. وعلى أبوابها قرى لبني ريام أحاطوا به كالأكمام بالثمر والهالة بالقمر حامين لأبوابه عن طلابه. انتهى كلام نور الدين السالمي.
ويرجع بعض أهالي الجبل الأخضر أن سبب التسمية جاءت من موقعه الجغرافي نظرا لمناخه المميز في الجزيرة العربية والمزروعات النادرة التي تنبت به حتى تكاد لا ترى بقعة الا وبها شجرة رمان أو خوخ وأشجار وأعشاب برية ذات فائدة طبية مما جعل من الجبل الأخضر بقعة خضراء سهلا وجبلا حتى الصخور تكاد تراها انفلقت ونبتت بها شجرة.
فالأرجح اذا والأقرب الى الصواب والكلام للمؤلف أن تكون التسمية بالجبل الأخضر تعود الى خضرة الأرض والجبال والصخور التي اكتست بالخضرة والبهاء حيث اكتملت الصورة في لوحة بديعة الجمال ونختم القول عن تسمية (الجبل الأخضر) كما جاء في الكتاب بأنها نقلت اليه بعد أن قام الإمام سيف بن سلطان (الملقب بقيد الأرض) بغرس أشجار الفاكهة كالرمان والعنب والجوز واللوز ويعود الفضل اليه في غرس هذه الأشجار وتسميته بالجبل الأخضر.
نبذة تاريخية
تحت هذا العنوان يشير سالم آل عبد السلام مؤلف الكتاب (الجبل الأخضر حصن منيع) وهو جبل عظيم الارتفاع صعب الامتناع لا يتوصل اليه الا من طرق مخصوصة ومن قديم الزمان كان العمانيون يلجأون اليه عند الشدائد. وقد عاش الجبل فترة من الزمن الماضي في حروب وصراعات شأنه شأن أي منطقة من عمان.
والجبل الأخضر يحظى بنصيب وافر من عطاء الخير والنماء في عهد النهضة المظفرة حيث توفرت له الكثير من الانجازات وذلك لما يتمتع به من جمال الطبيعة والموارد والخيرات وهو يتمتع ببعض السمات التضاريسية الخاصة التي تمكنه من تجميع مياه الامطار التي تسيل الى أسفل لتحجزه في شروخ وتصدعات الصخور ومن ثم تتكون عيون الماء كنتيجة لذلك ومن هذه المياه التي تجري في ينابيع وأفلاج التي يزداد جريانها عند هطول الأمطار.
ورغم الارتفاع العالي للجبل الأخضر استطاع الانسان العماني بما أوتي من صبر وجلد وحكمة وبراعة في التصميم والهندسة أن يقيم مسكنه ومزرعته على شكل مدرجات مضيفا بذلك شكلا آخر من أشكال الفن المعماري بجانب الطبيعة الربانية وترى تلك المساكن والبساتين الخضراء على تلك السفوح التي ألبستها الطبيعة الثوب الأخضر وبحكمة ودراية تامة قام الإنسان نفسه الذي برع في هندسة منزله ومزرعته باقتياد المياه من باطن الاودية والعيون ومن بين تلك الصخور والتي تنساب في شكل غدران وشلالات في شكل هندسي آخر وهو (الفلج) يأخذه ويتصرف فيه الى المكان الذي يريده حيث المزروعات. وعلى قمم هذا الجبل الأشم لا توجد أي من الملوثات حيث ان المياه والهواء نقيان ويخيم السكون على الجبل وتزيد الاودية العميقة من قوة وروعة المكان بما تضفيه عليه من أعماق سحيقة ومناظر خلابة خلفتها عوامل التعرية واختلاف الصخور وطبيعة المكان.
المصدر : جريدة عمان
__________________
كم أعاني مما كتبت عذابا ..... ويعاني في شرقنا الشرفـــاء
كل من قاتلوا بحرف شجاع ..... ثم مـــاتوا ... فإنهم شهـــداء